سؤال على اسلام اون لاين
هل من المفروض أن تكون هناك مشاعر في فترة الخطوبة؟ أعرف أنه لا يمكن أن نعبر عنها لأننا ما زلنا لم نتزوج بعد.
ولكن المشكلة تكمن في أني لا أشعر بأي مشاعر تجاه خطيبي، فأنا أعامله كصديق، وأشعر أن هناك شيئا ينقصني.. أنا لا أريد قصة حب، ولكني أريد فقط أن أشعر أنني أنثى، وأن هناك من يهتم بي، ويعبر لي عن ذلك. هذا الشعور يجعلني غير راضية، وفي نفس الوقت أقول لنفسي إنه سيأتي اليوم الذي يحل فيه كل ذلك.
أحياناً أقول لنفسي: إن هذا الشخص ربما لا يملأ عيني، ولا أشعر أنه الرجل الذي سيملأ علي كياني، ولكن في المقابل أحيانا أفكر أن هذا الشخص ذو أخلاق رفيعة، وأن أحترم الأشخاص الذين يمتلكون تلك الأخلاق، فبالتأكيد سأحبه وأحترمه، وسيكون أول شيء في حياتي.
سامحوني لأن كلامي غير مرتب، ولكني بالفعل أشعر بهذا التناقض، أرجوكم ساعدوني، وبارك الله فيكم.
تجيب عليه الاستاذة أميرة بدران
ابنتي الحبيبة..
أشكرك على ثقتك الغالية بنا وثنائك علينا، وأدعو المولى عز وجل أن يبارك لك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
أشكرك على رسالتك التي تدور حول مساحة شديدة التعقيد وبالغة الأهمية.. مساحة تتسبب في الكثير من المشاكل الزوجية.. وهي مساحة الاختيار وتدقيق الاختيار ومراجعته قبل إتمام الزواج، حيث أرى أن مراجعة الاختيار والتدقيق فيه والتأكد من ملاءمته لطرفي العلاقة أمر لازم وضروري.. ولا يعني حديثي الدخول في مساحة التردد، ولكن ما أقصده هو المراجعة المستمرة والمدققة والمتفحصة بعمق للبحث عن أي أسباب يمكن أن تكون مقدمة لعدم التلاؤم.. مع التأكد من قدرتنا على التعايش والتعامل مع هذه الأسباب.
والنموذج المثالي للقيام بهذه المراجعة يتم من خلال وضع معايير ومقاييس مبنية على إدراك وتفهم كل واحد منا لنفسه، وما تحتمله وما لا تطيقه، ثم الغوص برفق للتعرف على شريك الحياة المحتمل، والتأكد من توافقه مع المعايير والمحددات التي رسمناها بناء على فهمنا لطبيعة النفس.
ومن هذا المنطلق فإن على كل واحد منا قبل إتمام الزواج أن يسأل نفسه مجموعة من الأسئلة الضرورية.. وأول هذه الأسئلة هو:
هل أعرف نفسي بالضبط؟
وهل أعرف ما الذي يلائمها؟
وما مقدار موافقة شريك الحياة المحتمل لما أريد؟
هل يمكنني التعايش معه مع ما به من عيوب وتقبل ما به من نقص؟
هل بالفعل يمكنني تقبل هذا الإنسان كما هو؟
هل إذا جمعتنا جدران واحدة وأظلنا سقف واحد سأكون راضية عن حياتي معه؟
أم أن ما به من عيوب وقصور سينغص علي حياتي ويجعلني دوما أتحسر على ما ينقصني؟
أسئلة كثيرة لن يحسمها غيرك؛ لأنك الأقدر على معرفة نفسك.
ومن سؤالك فهمت أنك تتطرقين لمساحة القدرة على التعبير عن المشاعر بالصور المختلفة، وأهمية هذا الأمر في العلاقة بين الزوجين، وقبل أن أرد عليك أرى أنه من الضروري التنبيه على أمر بالغ الأهمية، وقد يغيب إدراكه عن الكثير منا.. في الأمور الاجتماعية لا توجد إجابة واحدة صحيحة، ولا يوجد واحد+ واحد= اثنين.. فما يتواءم معك قد لا يناسب غيرك، وما لا يمكنك تحمله قد يتحمله غيرك ببساطة.. فالشخصية العملية يرضيها التعبير عن المشاعر بالصور المادية.. وترى في تحمل الزوج لمسئولياته قمة التعبير عن الحب،
أما الشخصية الشديدة الرومانسية والعاطفية فلا ترضيها إلا لغة المشاعر والعواطف، وتظل تعاني دوما لوجود جانب كبير من احتياجاتها لم يتحقق له الإشباع، وبين النقيضين خط متصل يتوزع عليه البشر.. وتتفاوت درجاتهم بين العملية والعاطفية.. وتتفاوت بالتالي قدرتهم على التعايش مع غياب التعبير عن المشاعر.. فهناك من يتقبل هذا الأمر برحابة صدر ويحاول أن يستمتع بالميزات الموجودة، وهناك من يعاني بدرجات متفاوتة بدءا من الشعور بوجود نقص ما ولكنه متعايش معه ومتقبله.. ويحاول التخفيف من معاناته بالشكوى أو العتاب أو اللوم أو الطلب، وهناك من لا تحتمل هذا النقص ولا تتحمل الحياة بهذا الوضع.. وقد تدفعها هذه المعاناة لإنهاء الحياة الزوجية أو البحث عن مصادر إشباع أخرى.
وبناء على ما سبق أرى أنه من الواجب عليك بداية أن تتعرفي على خطيبك جيدا.. هل هو بالفعل يستطيع التعبير عن مشاعره ولكنه يحجم عن هذا بسبب الضوابط الشرعية؟ راقبي تصرفاته مع المحيطين به، هل هو بالفعل قادر على التعبير عن مشاعره أم أنه لا يحسن التعبير؟.
فإذا لاحظت وجود خلل ما حتى في تعاملاته مع المحيطين به فالأمر لك.. حاولي أن تخوضي في حوار مع نفسك لتتعرفي على قدرتها على التعايش مع هذا النقص، واقتربي منه أكثر– بقدر ما تسمح الضوابط الشرعية– لتتعرفي على ميزاته عن قرب وتدرسي إمكانية الاستفادة منها بحيث تحقق لك تعويضا عما تفتقدينه، وتجعلك أكثر رضا عن حياتك معه، فإذا تمكنت من الوصول إلى هذه الصيغة فبها ونعمت، وإذا لم تصلي لمرحلة التصالح مع النفس في هذه المسألة فلا مفر من أن تراجعي اختيارك... وفي كل الأحوال لا تنسي الاستعانة باستخارة المولى عز وجل، وأن تسأليه أن يقدر لك الخير حيثما كان.. ونحن معك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
وهدوا الى الطيب من القول