يحلم كل شاب وفتاة باليوم الذي يجد فيه من يشاركه حياته، غير أن الكثير منهم يفتقدون لمهارات اختيار ذلك الشريك،
والأسس الواجب توفرها فيه.. حتى إن تمت عملية الاختيار فعلا،
وبدأت الخطبة فإن الكثير من الشباب لا يجيدون كذلك فن الغوص في شخصية الشريك لتحديد ملامحه من خلف قناع التجمل الذي ربما يضعه البعض خلال فترة الخطبة.
وربما يجب على الشباب العربي -من الجنسين- ألا يعرف الحيل وأساليب الخداع التي قد يلجأ إليها البعض لجذب الطرف الآخر للتقدم لخطبته، أو حتى لإتمام الخطبة بالزواج، ولكن يجب أن يكون لديهم على الأقل الإلمام بالحد الأدنى من المعايير والشروط المطلوب توافرها في زوج المستقبل.
فكيف نعرف مدى ملاءمة الطرف الآخر لنا؟ ومتى يجب علينا الابتعاد؟ ومتى نكمل الخطبة؟ وما هي الأسئلة التي يجب أن نطرحها، والمواقف اللازم حسمها قبل إتمام الخطبة أو حتى بعدها؟.
في هذا الموضوع نجيب على هذه الأسئلة ونضع ملامح طريق يجب أن يتحراها المقبلون على الزواج لضمان حياة سعيدة ومستقرة.
للشباب رأي
حول الصفات التي يحرص الشباب على توافرها في شريك الحياة المنتظر،
يقول إبراهيم توفيق (مهندس - 25 عاما): إن الدين أساس كل شيء، فإن كانت الفتاة متدينة حقا عرفت كيف تحترم زوجها وتعاشره بالمعروف، وأيضًا تحفظه في عرضه وماله وقت غيابه، وتلم بالأسس القويمة في تربية الأبناء.
ويتفق محمد يوسف (طبيب أسنان - 27 عاما) مع إبراهيم لا سيما هذه الأيام التي ساءت فيها أخلاق بعض البنات بشكل ملحوظ -حسب رأيه- وأصبح من "شبه المستحيل" أن تعثر على فتاة "مؤدبة بحق"، حيث أصبحت الفتيات ينظرن إلى فتيات السينما والفيديو كليب ويعتبرنهن قدوة لهن، ويحاولن تقليدهن في كل شيء.
وينصح يوسف كل شاب مقدم على الخطبة ألا يرتبط بفتاة قبلت أن تخرج معه أو قدمت له أي تنازلات أخلاقية؛ فما الذي يضمن له أنها لن تقدم على مثل ذلك مع غيره؟ أو أنها لم تقم بذلك مع غيره حتى قبل أن تعرفه؟ لذا ينصح بخطبة الفتاة "الخام" التي لا علاقات لها مع الشباب نهائيا.
ويرى إسلام جاد (مصحح لغوي - 31 عامًا) وهو خاطب بالفعل، أنه على المقبلين على الخطبة تحديد ثلاثة أمور في غاية الأهمية، يكفي غياب أي منها لهدم العلاقة كليًا وعدم استمرارها، أولها: الاتفاق على أن جميع الشروط المالية التي يتم الاتفاق عليها هي نهائية ولا رجوع عنها.
وثانيا: ألا يعلم أحد بتفاصيل حياتهما المشتركة، ولا يتدخل طرف ثالث بينهما إلا في حالات الضرورة القصوى التي يحددانها مسبقًا.
أما الأمر الثالث فهو: الاتفاق على ألا يتم إجراء مقارنات بين حالهم وأحوال الأقرباء أو الأصدقاء من أي وجه؛ فظروف كل شخص تختلف عن الآخر، ومثل هذه المقارنات تؤدي إلى الكثير من المشاحنات المستقبلية.
ويروي حازم عبد الغني (26 عامًا - محاسب) تجربته مع خطيبته التي تركها بعد 4 سنوات من الارتباط، قائلا: اتفقت مع إحدى زميلاتي في الجامعة قبل عامين من تخرجنا على الارتباط، وبالفعل تمت الخطبة فور تخرجنا وكان الاتفاق أن نكمل زواجنا بعد 4 سنوات من بداية فترة الخطبة حتى يتسنى لي تلبية كل متطلبات الزواج، غير أنها -وكما يقول حازم- عادت لترفض الاتفاق الذي كان قائما بيننا، بدعوى إحساس أهلها بالقلق من طول فترة الخطبة -رغم موافقتهم في البداية- واستمرت في الإلحاح على لتقديم موعد الزواج.
ويضيف حازم أنه رأى في ذلك مؤشرا على أن خطيبته لن تكون زوجة جيدة أو متفاهمة، لا سيما أنها بدأت في تغيير أسلوب تعاملها معه حتى تجبره على تقديم موعد الزواج، وهو ما رفضه بشده بصفته محاولة لـ"لي ذراعه"، وقام على الفور بفسخ الخطبة رغم علاقة الحب التي كانت تربطه بتلك الفتاة؛ لذا ينصح حازم بضرورة وضع قواعد واضحة للتعامل خلال فترة الخطبة على أن يواجه أي كسر لهذه القواعد بـ"منتهى الصرامة".
وللبنات شروط
تؤكد رشا حسني (24 عامًا – لا تعمل) أنه يجب أن تشعر الفتاة في شريك حياتها بمعاني الرجولة، أي يكون "رجلا بمعنى الكلمة"، ويفضل أن تختبر الفتاة خطيبها قبل الخطبة في مواقف ترى من خلالها قدرته على تحمل الصعاب والمواقف الحرجة؛ لأنه يفترض بالخطيب أن يصبح زوجا ومن ثم يتحمل مسئولية البيت والأولاد، وهو ما لا يمكن أن يفعله إن كان "ضعيف الشخصية".
غير أن رشا تشدد في الوقت ذاته على ضرورة ألا تكون شخصية الشاب الذي ترتبط به الفتاة شخصية "متسلطة"؛ لأن ذلك سيجعل فترة الخطوبة تعيسة فضلا عن فشل الزواج أو على الأقل تحوله لفصول من المعاناة المستمرة.
أما رانيا مصطفى (25 عاما)، فترى أن أهم الصفات التي يجب أن تتوافر في خطيبها المنتظر هي أن يكون طيب القلب، ولبقا في الحديث، ومثابرا، حتى يكونا قادرين على هزيمة ضغوط الحياة وأي مشاكل قد تواجههما في المستقبل.
بينما ترى مريم السويفي (طالبة جامعية)، ضرورة أن يعمل من يرغب في الارتباط بها في مجال يمكن أن يتطور فيه، ويصبح ذا شأن في المجتمع، ولا يعمل في عمل يعتبره مجرد "حصالة".
زهراء محمود (طالبة جامعية)، ترى أن علاقتها بشريك حياتها يجب أن يغلفها الاحترام المتبادل سواء فيما بينهما أو على مستوى الأهل، وأنه يجب أن يكون متفهمًا؛ فمهما صدر منها يجب ألا يقابله برد فعل عصبي. وتؤكد أنها لن تختار سوى رجل "صاحب شخصية" مع أهله فلا يقول لهم "حاضر" في كل الأوقات، بل يجب أن يكون له شخصيته المستقلة.
سناء إبراهيم (موظفة - 30 عامًا): يجب على خطيبي أن يكون "ابن ناس"، فأنا أستطيع أن أحكم على الشخص من أول نظرة في ملابسه؛ فالشخص المحترم محترم في كل شيء، ملابسه نظيفة وشكلها متناسق وله رائحة جميلة ويتكلم بطريقة مهذبة و"شيك" حتى في وقت الشجار. لأنه بذلك فقط يكون من السهل التعامل مع الرجل والعيش معه حياة هنيئة وسعيدة.
الدين أولاً
وعن المنهج الذي يفترض أن يسير عليه الشباب من الجنسين في اختيار شريك الحياة، ينصح الداعية المصري الدكتور صفوت حجازي الشباب بأن يتوخى الحذر في الاختيار، حرصا على دينه ومستقبله وأبنائه، معلقا: "لا يصح بأي حال أن يختار الإنسان شريك حياته على أساس عامل واحد، سواء أكان الجمال أو الثراء أو حتى الدين؛ فأغلب اختيارات الشباب هذه الأيام اختيارات فاسدة؛ لأنها تعتمد على اتباع الهوى، أو تركز على الدين بشكل مُخل؛ فقد يكون ملتزمًا دينيا ظاهريا ولكنه سيئ الخُلق، عصبي، أو لا يصلح للنهوض بمسئولياته كأب أو أم، أو زوج، وهذا الاختيار المخل موجب للفشل بكل تأكيد".
ويُذّكر الدكتور صفوت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، مشيرا إلى أن الأسس الأربعة التي ذكرها الحديث هي معايير الاختيار لشريك الحياة، ولكنها لا تجتمع كلها في الغالب، وإنما يختار الإنسان أولوياته من بينها، موضحًا أن الإسلام لا يرفض المقومات الثلاثة الأخرى، ولكنه يقدم الدين عليها؛ فلا مانع من أن تكون الفتاة جميلة وثرية، ولكن الأهم أن تكون متدينة وخلوقة.
لا لتجاهل النصائح!
ومن ناحيتها، ترى الدكتورة عايدة فؤاد أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج، سواء شابا أو فتاة، هو عدم أخذ المشورة من أهل الاختصاص ومن أهل الخبرة في الحياة العملية، سواء من الأهل أو الأصحاب.
وكذلك عدم إعطائهم قيمة لمثل هذه النصائح مع أن مثل هذه النصائح إذا أخذت في الحسبان فإنها سوف تمنع الكثير من المشاكل التي قد تطرأ بسبب وجود تنافر في الطباع يتم التغاضي عنه تحت تأثير الرغبة في إتمام الزواج.
كما أنه لا بد من مراعاة الانسجام بين الأسرتين على الأقل للحد الذي يحول دون وجود صراعات مستقبلية بينهما، ويكون غياب مثل ذلك الانسجام شرارة بدء الخلافات بين الأزواج نتيجة للشحن المتواصل بينهم.
وتضيف: أريد من كل شاب أو فتاة بأن يسأل نفسه ماذا أريد من الزواج؟ هل كل ما أريده هو البيت والأطفال؟ فإذا كانت هذه هي الإجابة فليتزوج الشاب أي فتاة أو تتزوج الفتاة أي شخص، أما إذا كان أمله أن يعيش حياة سعيدة فعليه أن يتعب قليلا في الاختيار وأن ينظر إلى عيوب الطرف الآخر، ويتأكد أنه قادر على معايشتها وليس تغييرها.
جمع المعلومات.. ضرورة
الدكتور فكري عبد العزيز المستشار النفسي، وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية، يعتبر أن أهم ما يجب على المقبلين على الزواج اتباعه هو دراسة الطرف الآخر جيدا وعدم الاستعجال، وكذلك جمع المعلومات عن شخصية الشريك المحتمل، سواءً السلبية أو الإيجابية.
وعليه أن يقوم بموازنة الجانبين جيدًا، وتقرير إذا ما كان يمكنه التعايش مع العيوب والتغاضي عنها أم أنها من شأنها أن تعطل مسيرة الزواج.
ويوضح أن هناك الكثير من أنماط الاختيار الزوجي منه العاطفي والعقلاني والجسدي والاجتماعي.. والأذكى هو من يحاول أن يجمع بين كل هذه الأنماط في زيجة واحدة.
ويضيف: يجب على المقبل على الزواج أن يكون واضحًا مع نفسه وأن يفكر جيدا وأن يكون هناك استعداد متبادل لقبول التناقضات في الطرف الآخر، وأن يرتب أولوياته في الطرف الآخر.
وعن أهم الصفات التي إن وجدت في الطرف الآخر يجب الابتعاد عنه، يشير الدكتور فكري إلى صفات الظن السيئ والشخصية المتعالية والجافة، وكذلك الشخصية البخيلة أو العصبية الحادة، حيث إنها أكثر الصفات التي تكون غير قابلة للتغيير بسهولة، وتنم عن عدم احترام الآخر ورغباته، والمحاولة الدءوبة على فرض الرأي عليه وعدم الاعتداد بشخصيته.
أسئلة واختبارات!
ومن جهتها تطالب الدكتورة ليلى الموصلي أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة، المقبلين على الزواج بوضع اختبار أو عدة أسئلة للطرف الآخر ليتسنى له معرفته على حقيقته والتعرف على فرص استمرار الحياة معه.. وتقترح عدة أسئلة منها:
- ما هو طموحك في الحياة والهدف الذي تسعى لتحقيقه؟
ليتحقق ما إذا كانت هذه الطموحات تتناسب معه أم لا، فقد تكون أقل مما يطمح إليه أو تتعارض معه.
- ما هي الصفات التي تحب أن تراها في شريك الحياة؟
وذلك لدفع الطرف الآخر للحديث ومعرفة ما بداخله وما يحبه وما يكرهه ومعرفة مدى مناسبته لنا.
- تحديد الموقف من جميع المسائل المصيرية، مثل إنجاب الأطفال، والموقف من عمل المرأة، وحدود العلاقة مع الأهل... إلخ.
- معرفة إذا كان أحد الأطراف يعاني من مشاكل صحية أو عيوب خلقية تجعله غير قادر على مزاولة حياته الاعتيادية.
- من هم أصدقاؤه وكيف يتعامل معهم وكيف يعاملونه؟ إذ إنه يعتبر قياسا لشخصيته.
- معرفة شكل علاقته بوالدته ووالده وإخوته؟ وكيف يدار أسلوب الحوار داخل البيت الذي نشأ فيه؟
- ما هي درجة علاقته بربه ومدى تدينه؟
كل هذه الأسئلة يجب أن تطرح على الطرف الآخر، ويجب أن يجتهد لمعرفة مدى ملاءمة الأجوبة للواقع، حيث يتعمد البعض الإجابة بإجابات ليست صحيحة لرسم صورة معينة لدى الطرف الآخر.
بقلم .هشام عمر... صحفي مصري مهتم بالشأن الاجتماعي، يمكنكم مراسلته عبر البريد الخاصholol@iolteam.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق
وهدوا الى الطيب من القول